الرصاصة قد تقتل ظالما , لكنها لا تنهي الظلم , والرصاصة قد تقتل الجسد , ولكنها لا تقتل الروح .
فهنا الإشارة حمراء دائما , هكذا يجب أن نكون , وناقوس الخطر يدق في وجه أولئك الذين يعملون
على تلويث انسانيتنا ويُفقدون الحياة جمالها , لتغدو مجرة من الفراغ والقلق ....
مدخــــــــل ....
يا لها من نظّارة غريبة الأطوار , نستطيع من خلالها رؤية أخطاء غيرنا , ولكنها عاجزة عن رؤية أخطاء
أنفسنـــــــــــا ....
في هذا الموضوع سنحاول ترميم الهيكل الإنساني , فنحن نرفض أن ينخر الدود هذا الهيكل , فطهارة
النفس من التلويث واللانقاء هو جوهر الصراع الذي يقوم عليه هذا الهيكل .
الفضيلة ذنبٌ لا يغفره البشر
حياتنا كراهب يتلو علينا ترانيمه في دير عتيقٍ أو عابد يؤدي طقوسه بخشوع , أو عاشق يحلو له أن
يلتقط النجوم كي يلظمها في عقد جميل كعاشقة تحلم باللقاء .
يتَّشحُ الليل بسواد أعمالنا , ونصبح كالملائكة أمام من يخطئون ,فمن لا يُفتضحُ أمره فهو قِدّيسٌ
سماوي .
لمــــــاذا لا نرى في أزهار المستنقعات جمالاً حيث تختنق الدموع ويكبر الشعور ؟؟ أيها النبلاء إن رؤوسكم كسنابل قمحٍ خاوية فالإنسانية لا تنحني أمام البشر .
يا ربِّ , ما دنّسهُ ضعفي رُدَّهُ إليَّ بجمال عفوكَ , فالروح مستعمرة ما دام الجسد حيّاً , إلى متى
ستبقى عيون قلوبنا من زجاج , إلى متى يبقى الجزّار يتمنى أن تصبح الحكمة في يومنا هذا لحمة
حمراء كي يبيعها في سوق السباية ...
كثير من الناس يُخطىء وجَلّ من لا يُخطىء , فننظر إليهم بعينٍ بصيرة وقلبٍ قاسٍ , نفضح أمرهم
ويصيرون لقمة سائغة في أفواهنا المزعومة , ننسج حولهم الحكايا , ونتناولهم في الدواوين ,
ونقول : " إنّ الفضيلة قد أُصيبت بالشذوذ الجنسي "
في يومنا هذا لم نعد نعرف المخلصين , فالكلّ يتحدث عن الشرف , وفي الزواج يبحث الخائن عن
امرأة مخلصة , لأنه يعرف أن الصور لا تحترق في المرايا , لأنه لم يعرف يوما طعم الإخلاص , فالأبرياء
المخطئون لا يملكون حصانة لضعفهم , أما المخلصون الأبرياء فهم الذين يملكون الحصانة لقوتهم ...
الفضيلة ذنبٌ لا يغفره البشر , فالشهرة والمال وربطات العنق وأحذيةٌ مُلمّعةٌ , هي ما تغرق آمال البشر ,
فمن يقف أمام الخطيئة ليحسّ كل هذا الألم , وهو في حوض الإغتسال , لا بد أن يخرج طاهراً رغم كل
الذنوب , فحين يجتاز بحر الخيانة , فإن شموس العالم لن تجففه , لأن بلل الخيانة لا يكون مطراً ...
حين أردتُ أن ينتشر الخبر قلت لصديقي : سأخبرك سرّا . آه منك أيتها الحقيقة , فلو أني أعرف
كيف يعيش الفضلاء بعصرنا لتحديتُ الشيطان , فمن هم الذين يُخطئون ولا يحاسبون ..؟؟
ومن هم المعصومون عن الخطأ ولا يتوبون ..؟؟
نقف أمام المرأة فنصير كلنا مخلصون , ومن ثم نقف أمام المرآة فيفضحنا العِريُّ , لقد تذوقت طعم
السمعة السيئة ذات يوم , أنا لا أشتاق إليها أبدا , لكنني قررت أن أتحول الى مدرسة من الحب والاحترام .
ففي أول تجربة قاسية لي في الحياة , عرفتُ أن الفضلاء لا يستطيعون أن يقفوا أمام عجز الضمير
بقوة فضيلتهم , فالقانون لا يرحم , والفضلاء لا يعرفون السفالات , أرجو أن لا أكون العاقل الوحيد في
هذا الكون الفسيح ...
يقول أحدهم لآخر : لا تتكلم عنها هكذا , فهي فتاة محافظة - إنها لا تنام مع الرجال الغرباء ..!!
لم يكن ظالما , إلّا أنه كان يغيّر الحقيقة , ولكننا لا نعرف أنه من المستحيل على الأشجار أن تُغيّر ذاتها
فلطالما أخفينا جواربنا الممزقة بأحذية ملمعةٍ . فالمبادىء أصبحت مثل عود الكبريت , ما أن يصيبها البلل حتى
لا تقوَ على الاشتعال , فكل ما يتحدث به الناس تحت الأضواء لا يعني بالضرورة صدقهم في حياتهم التي
يعيشونها خلف الكواليس , وليس كل ما يقوله الإمام دليلا على صدقِ فعله , فهناك في الحياة مَن هم أكثر
خيانة من أصحاب الخيانة العلنية , ومع هذا فهم طاهرون لأن يد العدالة في هذه الأرض لن تصل إليهم ..
في النهاية , أنا لا أرى بعينيكَ أنت ولكني أنظر للحياة من عدسات نظارتي التي لا تستطيع الرؤية , لا
تنظر للناس من ثقب ضيّق , ولا تفضح ما كان من أمرهم , فالحياة كالرحى تدور وتطحن , فكن كحبة القمح
الناضجة , والتي تربت على الفضيلة ...